آراء سياسية

رضوى الدربي.. امرأة في مهمة «نبيلة».. بنت أبو تشت.. سند البسطاء.. وظهر الغلابة

رضوى الدربي.. امرأة في مهمة «نبيلة»..  صوت الصعيدية.. وظهر الغلابة والبسطاء.. ووجه مشرفة للمرأة النيابية… ونموذج للمرأة الحديدية…

«على الأصل دور».. سليلة أسرة برلمانية عريقة.. «أوصيكي بأهلي وناسي في أبو تشت خيرًا».. آخر وصايا والدها لها

كتبت: منار يوسف

طوال فصل تشريعي كامل، تابعت عن قُرب أداء المرأة المصرية تحت قبة البرلمان، وتحديدًا المرأة الصعيدية، التي أتاح لها الرئيس عبدالفتاح السيسي، مالم يُتاح لها طوال الأنظمة والحكومات المتعاقبة، من اهتمام كبير وعناية فائقة بالمرأة، فوجدنا لأول مرة منذ أن عرفت مصر الحياة النيابية والتي تعود بدايتها إلى عام 1866، أكبر تمثيل نيابي للمرأة بـ 90 نائبة تحت القبة.

مؤكد كان هناك نائبات على قدر كبير من المسؤولية، واستطاعت بإقتدار أن تقدم نموذج رائع للمرأة المصرية كنائبة، إلا ما أحزنا أن المرأة الصعيدية تحت قبة البرلمان، التي وليتها اهتمام كبير ومتابعة بحكم تخصصي في تغطية شؤون مجلس النواب، وبحكم “الدم بيحّن”، كنت أنصب اهتمامي وتركيزي على المرأة الصعيدية في البرلمان.

خلال دور الانعقاد الأول، لم جد من تستحق المكانة التي حصلت عليها، وبررّت الأمر أنهن مازالت في “سنة أولى برلمان”، واعتقدت أن الأدوار التالية، سنجد المرأة الصعيدية النائبة في صورة وشكل مختلف.

خابت توقعاتي.. وها هو البرلمان قد اقترب من نهايته، وفشلت المرأة الصعيدية أن تنافس بقوة مع أقرانها في البرلمان، اختفاء تام ومفاجئ عن القضايا العامة والجماهيرية، صمت تام تحت القبة، هموم المرأة الصعيدية التي تئن  وتصرخ وتحتاج لمن يستمع لها.. لم تجد.

في حين المرأة القاهرية..  نجحت بإقتدار في أن تفرض نفسها، فرأينا النائبة التي تتولى رئاسة لجنة نوعية، وأخرى يمنح لها البرلمان ثقته، وتُنال شرف تمثيل مصر في المحافل العالمية والدولية، وثالثة، ضيفة دائمة في زيارات البرلمان الخارجية.

في إحدى جلسات “النميمة السياسية”، التي جمعت  نواب البرلمان من أبناء الصعيد، وجّه أحد النوب اللوم والعتاب لأحد المقربين من دائرة مكتب البرلمان، حول غياب أي نائبة من نائبات الصعيد في تمثيل الوفود البرلمانية بالخارج، أو حتى تُنال شرف المشاركة مع وفد البرلمان للقاء كبار المسؤولين االقادمين من مختلف برلمانات دول العالم.. فهمس في إذنه  قائلًا:” أساء البعض اختيارهن كنائبة.. ولم يكونوا على قدر المسؤوليو.. فكان من الطبيعي ألا يتكرر الخطأ مرتين.. وأنت أدرى بما يقوم به بعض النائبات المحسوبين علينا..”.

 صعيد مصر زاخر بالعديد من النماذج المشرفة للمرأة الصعيدية، ممن قادرين على حمل “الأمانة” على أكمل وجه، والتفرغ لمشاكل أهالينا، دون السعي لمصالح أو مطالب شخصية القادرة على إحداث تغير جذري، وتقديم صورة مغايرة عما رأيناه تحت قبة البرلمان خلال فصل تشريعي كامل.. من هؤلاء… رضوي الدربي.

تجمع بين عراقة الأصل.. ومتانة النسل.. بالبلدي كده “شبعانة من بيت أبوها”، وحققت المعادلة الأصعب، التوازن بين مطالب بيتها، والتطلع العلمي، واقتحام مهام لايقدر عليها سوى الرجال بطبيعة عملها، فقدمت نموذج للمرأة الحقوقية الناجحة التي تذكرنا بالسيدة المستشارة آمال عثمان…

في خضم هذه الأهوال.. لم تنس حق أهلها في الجنوب عليها، فشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، وحملت معهم “همومهم وتطلعاتهم”، متحدثة عن ذالك “هذا الأمر قبل أن يكون واجب عليا.. هي وصية لأبي رحمه الله.. أوصاني بأهلي وناسي في أبو تشت خيرًا”..

رضوى الدربي… قبل أن تكون نموذج مشرفة للمرأة الصعيدية، هي بحق نموذج مشرفة للمرأة العربية، لم يصنعها اسمها ولا عائلتها العريقة التي تناوبت على مقعد البرلمان عن دائرة أبو تشت طوال العقود، وقدّم والدها البرلماني الراحل اللواء ماهر الدربي، نموذجًا للبرلماني رجل دولة، وإنما صنعت نفسها بنفسها، لم تكتف بما وصلت إليه، ورفعت مستواها العلمي والمعرفي، وجمعت بين العلوم السياسية والقانونية والإنسانية في آنٍ واحد .

يزخر التاريخ المصري بنساء دافعن عن حقوق المرأة وأثبتن وجودهن في مهن وأعمال كانت مخصصة للرجال فقط في العصور التي نشأن وتربين خلالها، هن نساء يفخر بهن التاريخ المصري، منهن من رفعن مصر عاليا، ومنهن أيضا من غيرن تاريخ هذا البلد.

والمرأة المؤثرة هنا هي تلك التي احتلت مواقع هامة في الحياة السياسية أو الاجتماعية أو العلمية بما سمح لها من احتلال مكانة مرموقة في تاريخ مصر، كالريادة والسبق في بعض المهن أو النضال لفتح باب كان مغلقاً أمام أجيال من النساء أو ربما لكونها أصبحت رمزاً يلهم النساء والرجال على حد سواء.

تظل المستشارة والحقوقية رضوى الدربي، سند الغلابة والبسطاء، نضع عليها الآمال في أن تقدم يما فشل فيه غيرها، نموذجًا فريدًا للمرأة الصعيدة تحت قبة البرلمان، بعد أن خيب الحالين، التوقعات، وتركوا ورائهم “الخيبات”، و “ما خفي كان أعظم”، ويُعقد عليها التطلعات لأنتشال مركز أبو تشت من الحال الذي وصل إليه من سوء وتدهور في الخدمات، يدفع أبناء أبو تشت ثمنه باهظًا، وأن تكون خير سند ومُعين للمرأة الصعيدية، أثق تمامًا إذا شاءت الأقدار، ستكوت تجربتها البرلمانية، علامة مضيئة في سجل صعيد مصر .. وفارقة في تاريخ البرلمان المصري… القادم أفضل لأبناء أبو تشت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى